شفق نيوز/ يتنفس أهالي قضاء الرطبة الصعداء بعد عودة تجهيز الكهرباء الوطنية للقضاء من محطة الريشة الأردنية ضمن المرحلة الأولى من مشروع الربط العراقي الأردني، بعد انقطاع دام لمدة 10 سنوات إثر تدمير تنظيم داعش الخط الناقل ما بين القائم والرطبة إبان سيطرته على المناطق الغربية وجزء من محافظة الأنبار.

ويقع قضاء الرطبة في محافظة الأنبار غربي العراق على الطريق الذي يربط مع حدود الأردن، ويُوصف القضاء بأنه أكبر أقضية البلاد مساحة، ويتبعه ناحيتان هما: ناحية الوليد وناحية النخيب التي تصل بين العراق والسعودية.

ويبعد قضاء الرطبة حوالي 300 كلم عن مدينة الرمادي مركز المحافظة، ونحو 400 كلم عن بغداد، ويحده ثلاث دول: سوريا والأردن والسعودية، ويضم القضاء أحد أكبر المنافذ الحدودية للعراق على جيرانه، ويفصله عن الحدود مع الأردن حوالي 90 كلم.

ويبلغ سكان الرطبة حوالي 65 ألف نسمة، يتوزعون على عدد من عشائر الأنبار السنية مثل الكبيسة والدليم والبوعيسى والبوعلوان وعنزة.

 

من الظلام إلى النور

وعانى أبناء قضاء الرطبة من انقطاع الكهرباء الوطنية منذ 10 سنوات، فبعد سيطرة تنظيم داعش على المناطق الغربية وجزء من محافظة الأنبار، قام التنظيم الإرهابي بتدمير الخط الناقل ما بين القائم والرطبة بطول 300 كم، حيث تم تدمير أبراج 230 بالكامل، وهذا تسبب بتأخر إعادة الخط لقضاء الرطبة، لأن خط الـ400 لم يصل إلى القائم إلا قبل عامين"، وفق قائمقام قضاء الرطبة، عماد مشعل الدليمي.

وأوضح الدليمي لوكالة شفق نيوز: "لكن مؤخراً صار مشروع الربط العراقي الأردني باستحداث المرحلة الأولى لهذا الخط وهو ربط مدينة الرطبة وتجهيزها بالتيار الكهربائي من محطة الريشة الأردنية بقدرة 32 ك على الربط 232، وبذلك تم إعادة تشغيل الكهرباء الوطنية في شهر رمضان الماضي لأول مرة بعد 10 سنوات من الانقطاع، بعد أن كان القضاء يعتمد على محطة مولدات تابعة لوزارة الكهرباء، وكان التجهيز بحدود 30 بالمائة من حاجة القضاء، لكن حالياً التجهيز مستمراً على مدار 24 ساعة في اليوم، إلا في حال وجود خلل أو عارض طارئ، كما تم رفع المولدات الأهلية لانتفاء الحاجة منها".

وأشار قائمقام الرطبة، إلى أن "تجهيز الكهرباء انعكس إيجاباً على تجهيز المياه، حيث إن قضاء الرطبة يعتمد على الآبار التي تعتمد على التيار الكهربائي، وبعد توفر الكهرباء الوطنية لا يواجه القضاء حالياً أي أزمة لا في الكهرباء ولا في الماء كما أن المدينة تنعم باستقرار أمني عالي".

وخلص الدليمي إلى القول، إن "الربط الكهربائي مع الأردن ساهم بإعادة الحياة مرة ثانية لقضاء الرطبة، لأن الكهرباء هي عصب الحياة وهي المشغل للمحلات الصناعية ومضخات الماء وللدور السكنية ولكل الدوائر وغير ذلك، فكانت الحياة مشلولة في السابق، لكن حالياً القضاء ينعم باستقرار وأمان وبطاقة كهربائية مستمرة".

 

انتعاش اقتصادي

من جانبه، أكد مدير قسم الإعلام والاتصال الحكومي في محافظة الأنبار، باسم الأنباري، ما قاله عماد الدليمي في كيف أعاد الربط الكهربائي مع الأردن الحياة إلى منطقة الرطبة المهمة لما تتمتع به من موقع استراتيجي كونها إحدى المناطق المحاذية للأردن.

وذكر الأنباري، للوكالة أن "الحياة كانت مشلولة في هذه المنطقة، ولكن هذا الخط الذي تم إنجازه مؤخراً أعاد الحياة إلى أبناء هذه المنطقة حيث تحسن الوضع الاقتصادي بشكل ملحوظ في القضاء وعادت الحياة إلى طبيعتها، ومن المؤمل زيارة سعة هذا الخط ليشمل بقية المناطق الأخرى القريبة".

وبين أن "هذا المشروع ساهم فعلياً بانتعاش الواقع الاقتصادي في قضاء الرطبة من خلال عمل الكثير من المشاريع الصغيرة التي كانت تعتمد بشكل أساسي ورئيسي على الكهرباء بعد أن كانت الكثير من المشاريع معطلة بسبب انقطاع التيار الكهربائي لكن الوضع الاقتصادي اختلف الآن وبدأ يتحسن في هذه المنطقة وبدأ إنجاز الكثير من المشاريع بسبب التحسن الواضح بالتيار الكهربائي".

وأشار إلى أن "محافظة الأنبار وحكومتها المحلية تسعى جاهدة لإعادة الحياة للكثير من المنشآت العامة التي دمرها الإرهاب والعمليات العسكرية التي شهدتها المحافظة، وهناك نية لإنشاء المشاريع الاستراتيجية والمنشآت الصناعية المهمة كمعمل الزجاج والسيراميك وكربونات الصوديوم التي تم وضع الحجز الأساس لها قبل عدة أيام، كما هناك مصنع لإنتاج الألواح الزجاجية في الكرمة، والعمل جاري على إعادة الحياة وإعادة تأهيل المنشآت المهمة التي كانت تشغل الكثير من الأيدي العاملة من أبناء محافظة الأنبار وحتى من أبناء المحافظات القريبة من محافظة الأنبار".

ونتيجة لعودة التيار الكهربائي وما رافقه من انتعاش للوضع الاقتصادي في قضاء الرطبة، بدأ يفكر الكثير من أبناء القضاء الذين غادروه في السابق بالعودة إليه.

وفي هذا السياق، تحدث المواطن محمد أحمد من قضاء الرطبة قائلاً: "خرجتُ من القضاء قبل عدة سنوات وسكنتُ في الرمادي مركز محافظة الأنبار بسبب انقطاع الكهرباء الوطنية وما سببه من تردي للوضع الاقتصادي جراء توقف المعامل والمصانع والمهن الأخرى كالنجارة والحدادة وغيرها من المهن التي تعتمد على الكهرباء بشكل أساسي، لذلك غادرتُ قضاء الرطبة في حينها بسبب قلّة فرص العمل".

وأضاف أحمد، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، "لكن بعد عودة التيار الكهربائي قررتُ العودة إلى قضاء الرطبة وكذلك حال الكثيرين الذين قرروا العودة بسبب تحسن الوضع فيه".

 

الربط مع الأردن

يذكر أنه في 30 آذار الماضي، دشّن وزير الكهرباء العراقي، زياد علي فاضل، الربط الكهربائي "العراقي _ الأردني" بمرحلته الأولى، لصالح قضاء الرطبة بمحافظة الأنبار غربي البلاد.

وذكر مصدر في وزارة الكهرباء للوكالة، أن "وزير الكهرباء برفقة عدد من طواقم الوزارة والمديرين العامين لشركات النقل والتوزيع للكهرباء شغلت وبشكل رسمي ما يعرف بخط ريشة لنقل الكهرباء من الأردن إلى العراق وتحديداً قضاء الرطبة".

وأضاف المصدر، أنه "تم تشغيل الخط بطاقة 50 ميغاواط كمرحلة أولية، فيما ستبلغ طاقته الكلية مستقبلاً 500 ميغاواط عند إكتمال مراحل الربط بشكل كامل لتغطية مناطق واسعة من محافظة الأنبار بالتيار الكهربائي".

من جهته، قال وزير الكهرباء خلال مؤتمر صحفي حضرته وكالة شفق نيوز، إن "إكمال ربط الكهرباء الأردني يمهد لنا الطريق للانتقال إلى المرحلة الثانية من خلال الربط الخليجي لمحافظة البصرة وبعدها الربط السعودي".

وأضاف الوزير، أن "كوادرنا بذلت جهداً كبيراً لنصب المحطات الثابتة والمتنقلة والخطوط للربط بين البلدين"، مردفاً بالقول، إن "هذا المشروع يعتبر المرحلة الأولى للربط الأردني، وستبلغ طاقة المرحلة الأخرى 350 ميغاواط".

وكان مدير عام شركة الكهرباء الوطنية الأردنية، أمجد الرواشدة، قد قال إن خط الربط الكهربائي الأردني- العراقي سيكون مشتركاً بين محطتي الريشة الكهربائية الأردنية ومحطة الرطبة العراقية وعلى جهد 132 كيلو فولت، لتغذية أحمال منطقة الرطبة القريبة من الحدود مع الأردن.

ووقع العراق والأردن في 11 شباط 2024، في العاصمة عمان، وثيقة لتزويد الجانب العراقي بالطاقة الكهربائية بقدرة 40 ميغاواط في المرحلة الأولى، حيث عد الطرفان العقد كجزء من خطة عربية أشمل للسوق العربية المشتركة للطاقة مستقبلاً.